[center]بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين
:: اسمه الشريف
الحسين
:: نسبه الطاهر
ابن الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب سلام الله عليه بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي..
:: كنيته الشريفة
أبوعبدالله. وكنّاه الناس من بعد شهادته بأبي الشهداء وأبي الأحرار.
:: ألقابه الكريمة
الشهيد، الطيب، سيد شباب أهل الجنة، السبط، الدليل علی ذات الله، التابع
لمرضاة الله، الوفي، المبارك، الرشيد، المطهر، البر، أحد الكاظمين.
:: امّه الطاهرة
فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين صلوات الله وسلامه عليها.
:: مدة إمامته
11 سنة
:: مولده
ولد إمامنا الحسين سلام الله عليه في الثالث من شعبان المعظم للعام الرابع الهجري في المدينة المنورّة.
:: في ولادته
قالت أسماء: فلمّا ولدت فاطمة الحسين سلام الله عليه نفستها ابه فجاءني
النبي صلی الله عليه وآله فقال: هلمّ ابني يا أسماء، فدفعته اليه في خرقة
بيضاء، ففعل به كما فعل بالحسن، قالت: وبكى رسول الله صلی الله عليه وآله
ثم قال:
انّه سيكون لك حديث، اللهم العن قاتله، لا تعلمي فاطمة بذلك.
فقالت اسماء: فلمّا كان في يوم سابعه جاءني النبي صلى الله عليه وآله
فقال: هلمّي ابني فأتيته به، فعقّ عنه كبشاً أملح وأعطى القابلة الورك
ورجلاً، وحلق رأسه وتصدّق بوزن شعره ورقاً (فضة)،وخلّق رأسه بالخلوق، ثم
وضعه في حجره، ثم قال:
يا أبا عبدالله عزيز عليّ (مقتلك)، ثم بكى فقلت: بأبي أنت وأمي فعلت في هذا اليوم وفي اليوم الاول فما هو ؟
قال: أبكي على ابني تقتله فئة باغية
كافرة من بني امية لعنهم الله لا أنالهم الله شفاعتي يوم القيامة، يقتله
رجل يثلم الدين، ويكفر بالله العظيم.
ثم قال: اللهم انّي أسألك فيهما (الحسن والحسين سلام الله عليهما) ما سألك
ابراهيم في ذريته، اللهم أحبهما وأحبّ من يحبّهما والعن من يبغضهما ملء
السماء والارض.
وروى الشيخ الصدوق وابن قولويه وغيرهما عن الصادق سلام الله عليه انّه قال: انّ
الحسين بن عليّ سلام الله عليه لمّا ولد أمر الله عزوجل جبرائيل أن يهبط
في الف من الملائكة فيهني رسول الله صلى الله عليه وآله من الله ومن
جبرئيل.
قال: فهبط جبرائيل فمرّ علی جزيرة في البحر فيها ملك يقال له فطرس كان من الحملة (حملة العرش)
بعثه الله عزوجل في شيء فابطأ عليه فكسر جناحه وألقاه في تلك الجزيرة فعبد
الله تبارك وتعالی فيها سبعمائة عام، حتى ولد الحسين بن علىّ سلام الله
عليه.
فقال الملك لجبرائيل: ياجبرائيل أين تريد؟ قال: إن الله عزوجل أنعم علی محمد بنعمة فبعثت اُهنيه من الله ومنّي.
فقال: يا جبرائيل احملني معك لعل محمد صلى الله عليه وآله يدعولي.
قال فحمله، فلمّا دخل جبرائيل على النبي صلى الله عليه وآله هنّاه من الله ومنه وأخبره بحال فطرس.
فقال النبي صلى الله عليه وآله: قل له تمسّح بهذا المولود وعد الى مكانك، فمسح فطرس (جناحه)
بالحسين بن عليّ سلام الله عليه وارتفع فقال يا رسول الله أما انّ امتك
ستقتله وله عليّ مكافأة الّا يزوره زائر الّا أبلغته عنه، ولا يسلم عيه
مسلّم الّا أبلغته سلامه، ولا يصلّي عليه مصلّ الاّ أبلغته صلاته، ثم
ارتفع.
وفي رواية: وعرج الى موضعه وهويقول: من مثلي وأنا عتاقة الحسين بن عليّ وفاطمة، وجدّه أحمد الحاشر.
وروی ابن شهر آشوب انّه:
«اعتلت
فاطمة سلام الله عليها لما ولدت الحسين وجف لبنها، فطلب رسول الله صلى
الله عليه وآله مرضعاً فلم يجد فكان يأتيه فيلقمه إبهامه فيمصّها ويجعل
الله له في ابهام رسول الله صلى الله عليه وآله رزقاً يغذوه ويقال:
بل كان رسول الله يدخل لسانه في فيه فيغرّه كما يغرّ الطير فرخه فيجعل
الله في ذلك رزقاً، ففعل ذلك اربعين يوماً وليلة فنبت لحمه من لحم رسول
الله صلى الله عليه وآله » والروايات بهذا المضمون كثيرة.
:: في نشأته
وكان سلام الله عليه كما تصفه المرويات اشبه الناس جسما برسول الله، وإن
الحسن سلام الله عليه كان أشبه الناس به وجها، شديد القوة ربعة ليس
بالطويل ولا بالقصير لم ير الناس أحسن منه، وقد أحبه الرسول وغمره بعطفه
وحنانه، وكان يؤلمه بكاؤه فيوصي الزهراء بالحدب عليه والرفق به والتوجه
إليه ثم يأتيه فيحمله حينا بين يديه وأحيانا علی كتفه ويخرج به الی الناس،
فإذا جلس وضعه في حضنه، وإذا تفلت منه ومشى لا تفارقه عيناه، ورآه مرة
وهويتعثر في قميص له وكان يخطب الناس، فنزل عن منبره حتى أخذه وعاد إلى
خطبته من حيث قطعها وهويقول: الأولاد فتنة.
وقال الاستاذ أحمد عاشور في كتابه سيد شباب أهل الجنة:
ولوأنك تصفحت الصحاح من كتب السنة لرأيت عشرات الاحاديث الناطقة بفضل
الحسين الشاهدة بقدره وحب الرسول له، بل إنك لتری في هذه الكتب عشرات من
الإيماءات والإشارات التي تدل على أن الله سبحانه قد أحاط نبيه محمداً صلى
الله عليه وآله بالكثير مما واجهه الحسين سلام الله عليه في حياته من
مصاعب وما لاقاه من إحن ومحن وفتن، حتى لقد أوشك أن يخبر صلوات الله
وسلامه عليه بمأساة كربلاء وما أزهق فيها من أنفس وأريق فيها من دماء، بل
أخبر اصحابه بذلك في بعض المناسبات كما يوحي إلى ذلك موقف زهير بن القين
حينما دخل عليه الحسين سلام الله عليه وهوفي طريقه الى كربلاء وزهير بن
القين عائد من الحج وكان عثمانياً فلما اجتمع إلى الحسين سلام الله عليه
حول رحله إلى رحاله وقال لأصحابه: لقد غزونا مع سلمان الفارسي ففتح الله
علينا وغنمنا، فقال لنا سلمان: اذا أدركتم قتال سيد شباب أهل الجنة فكونوأشد فرحا بقتالكم معه مما أصبتم من هذه الغنائم.
ومعلوم ان سلمان الفارسي ما كان له أن يعلم ما سيجري في المستقبل لولا إخبار النبي صلى الله عليه وآله له بذلك.
وروي الرواة ايضاً ان عليا سلام الله عليه مر
بكربلاء فوقف عندها طويلا وبكى ثم حدث عما سيجري في تلك البقعة على ذريته،
وما كان لعلي وغيره ان يعلم ما يجري عليه وعلى ذريته الا بواسطة النبي
الذي يتلقي علم ذلك عن طريق الوحي،كما حدثت أم سلمة رضوان الله عليها عما
سيجري عليه في كربلاء.
وروى الرواةعنها أن جبرائيل لما أخبر
النبي بما يجري على ولده الحسين تناول قبضة من ترابها وأعطاها رسول الله
إليها وأخبرها بأنها عند قتل الحسين ستفور دما وكان الأمر كذلك، ولقد حدثت
الحسين بذلك عندما ودعها وهوفي طريقه الى العراق فأكد لها ما سمعته من
جده، وأعطاها أيضاً من تراب كربلاء، فكانت تتعاهد التربة منذ أن اتجه
أبوعبدالله الى العراق، وفي اليوم العاشر من المحرم فقدتها كعادتها
فوجدتها تفور دماًعبيطاً.
:: مع جده الرسول الاعظم وأبيه اميرالمؤمنين
ومهما كان الحال فلقد بقي الحسين مع جده النبي سبع سنين أوأقل من ذلك
بقليل حسب اختلاف الروايات في تاريخ ولادته، وكان قد سماه حسينا كما سمی
أخاه حسناً من قبله، وظل في رعايته إلى أن انتقل لربه، فكانت نفسه الكريمة
على صغره ترسم كل ما يصدر عن النبي من قول وفعل، فلم يعرف احدا قبل جده
ولا أحس بعطف انسان قبل عطفه وكان يغذيه من لسانه ما يكفيه اليومين
والثلاثة على حد تعبير الرواة حتی اشتد وثبت لحمه واتسعت نفسه الكبيرة
لمعاني الرسالة وأهدافها وغمرته بروحانيتها، وقال فيه جده أكثر من مرة:
حسين مني وأنا من حسين.
وروى الرواة عن البراء بن عازب انه قال: رأيت النبي صلى الله عليه وآله يحمل الحسين على عاتقه ويقول:
اللهم إني أحبه فأحبه وأحب من يحبه، وانتقل بعد جده الى أحضان أبيه
أميرالمؤمنين،وهوفي السابعة من عمره، وشارك أباه وأمه في محنتهما بفقد
الرسول واقصاء أبيه عن حقه في الخلافة، وشاهد أمه خلال الاشهر القليلة
التي عاشتها بعد جده لا يقر لها قرار لفراق أبيها تندبه في الليل والنهار،
ولا يفوتها وهي في هذا الجوالقاتم أن تطالب القوم بما اغتصبوه منها ومن
ابن عمها وتقارعهم بالحجج الدامغة والبراهين الساطعة، وهم جادون في هضمها
واغتصاب حقها، حتی بلغ بهم الحال ان هاجموا بيتها وهموا بإحراقه بمن فيه
كما حدث الرواة بذلك.
لقد شاهد ابوعبدالله الحسين كل ذلك في مطلع صباه فكان يتلوى من الألم
ويقاسي مرارة تلك الاحداث وهوإلى جانب أبيه وأخيه حتی كانت وفاة امه
فتضاعفت آلامه واشتد وقعها على نفسه، وبقي إلى جانب ابيه يتأسی بصبره
وجلده حتى اجتاز تلك المرحلةمن حياته بنفس مطمئنة لقضاء الله وقدره كما
اجتازها أبوه وأخوه، وبقي إلى جانب أبيه أكثر من ثلاثين عاماً
مخلصاًلرسالة جده متنكراً للباطل وأهله، شديداً على الظالمين لا يهادن
ولا يحابي أحداً على حساب دينه، ولا تغريه دنياهم بما فيها من مفاتن
ومغريات، ينشطه الجور ويوقظه الظلم ويثيرة أنين الضعفاء وعويل المنكوبين،
فيرفع صوته الذي كان يدوي في أطراف الحجاز والعراق فيقض مضاجع الظلمة
والطغاة: ألا وإني لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برما.
:: الحسين قدوة لكل الثائرين
ولقد أجمع المؤرخون والرواة على أنه كان مثالا للفضائل ومكارم الأخلاق
ومحاسن الأعمال مفيدا من علمه الواسع الذي ورثه عن جده وأبيه، مرشداً
بأعماله قبل أقواله، سخيا بماله على الفقراء وذوي الحاجات، متواضعا في
نفسه، يناصر الحق ويحارب المنكر ويتحلی بالصبر والحلم والعفاف والمروءة
والورع، من أعبد الناس وأزهدهم في الدنيا وملذاتها.
وكان اذا تحدث عن الدنيا ودور الإنسان فيها يقول:عباد
الله اتقوا الله وكونوا من الدنيا على حذر، فإنها لوبقيت لأحد اوبقي عليها
أحد لكانت للأنبياء أحق بالبقاء وأولى بالرضا غير ان الله خلق الدنيا
للبلاء وخلق أهلها للفناء فجديدها بال ونعيمها مضمحل وسرورها مكفهر
فتزودوا فإن خير الزاد التقوی واتقوا الله لعلكم تفلحون.
ومجمل القول: ان الحديث عن الحسين سلام
الله عليه غني بالمواد وبكل معاني النبل والتضحية والفداء لأنه يأتي في
القمة بين المصلحين وعظماء التاريخ والثائرين على الظلم والطغيان وقد أبت
نفسه الكريمة الطاهرة إلا أن تكون القدوة الحسنة والمثل الاعلى لكل مصلح
ولكل ثائر على الظلم والظالمين، ولكل أبي كريم يؤثر الموت تحت ظلال السيوف
علی الحياة بين أطمار الذلة وفي ظل الجبابرة، وختم حياته والسيوف تنهش من
جسمه وهويقول: لا اعطيكم بيدي اعطاء
الذليل ولا أقر لكم إقرار العبيد، ولا يزال وسيبقى رمزا للبطولات
والتضحيات وحديثاً كريماً طيباً للأجيال تستمد من معانيه وأبعاده الخيرة
أقدس المثل وأكثرها عطاء في تاريخ البشرية الطويل.
ولا بد لنا ونحن بصدد الحديث عن سيرته من عرض سريع لمراحلها راجين منه
سبحانه أن يوفقنا لأن نستلهم منها الحق والثبات على الحق والبذل والعطاء
في سبيل الله كما بذل وأعطى سيد الشهداء سلام الله عليه.
[size=9]:: من فضائله ومناقبه ومكارم أخلاقه
روي في أربعين المؤذن وتاريخ الخطيب عن جابر عن رسول الله صلى الله عليه وآله انّه قال:
انّ الله عزوجل جعل ذرية كل نبيّ من صلبه خاصة وجعل ذريّتي من صلبي ومن
صلب عليّ بن ابي طالب، انّ كلّ بني بنت ينسبون الى أبيهم الّا اولاد
فاطمة فانّي أنا أبوهم.
يقول المؤلف:
قد كثرت الأحاديث المشارة الى انّ الحسنين سلام الله عليهما ابنا رسول
الله صلى الله عليه وآله،وقد أمر امير المؤمنين سلام الله عليه في حرب
صفين لمّاأسرع الحسن سلام الله عليه للقتال ان يمنع من الذهاب الى المعركة
مخافة أن ينقطع نسل رسول الله صلى الله عليه وآله بقتله وقتل الحسين سلام
الله عليهما.
قال ابن ابي الحديد: فان قلت: إيجوز أن يقال للحسن والحسين وولدهما أبناء
رسول الله وولد رسول الله وذرّية رسول الله ونسل رسول الله ؟
قلت: نعم، لانّ الله تعالی سمّاهم (أبناءه) في قول تعالی (ندع أبناءنا
وأبناءكم) وانما عنی الحسن والحسين، وسمّی الله تعالی عيسی ذريّة ابراهيم
في قوله: «ومن ذريته داوود وسليمان» ولم يختلف أهل اللغة في انّ ولد
البنات من نسل الرجل.
فان قلت: فما تصنع بقوله تعالى: (ما كان محمد أبا احد من رجالكم) قلت: أسألك
عن ابوّته لابراهيم بن مارية فكما تجيب به عن ذلك فهوجوابي عن الحسن
والحسين سلام الله عليهما،والجواب الشامل للجميع انّه عنی زيد بن حارثة،
لأن العرب كانت تقول: زيد بن محمد على عادتهم في تبنّي العبيد، فأبطل الله تعالی ذلك ونهی عن سنّة الجاهلية وقال:
انّ محمداً صلى الله عليه وآله ليس اباً لواحدٍ من الرجال البالغين
المعروفين بينكم ليعتزي اليه بالنبوة وذلك لا ينفي كونه أبا لأطفال لم
تطلق عليهم لفظة الرجال كابراهيم وحسن وحسين سلام الله عليهم.
وروي في بعض كتب العامة انّ النبي صلى الله عليه وآله أخذ بيد الحسن والحسين سلام الله عليهما ـ في جمع من الصحابة ـ فقال:
«من أحبني وأحبّ هذين وأباهما وأمّهما كان معي في درجتي في الجنة يوم القيامة».
ونظم البعض هذا الكلام فقال:
أخذ النبي يد الحسين وصـنوه
يـوماً وقال وصحبه فـي مـجـمـع
مـن ودّني يا قــوم أوهــذين أو
أبويهـما فاخلد مســكنه مــعـي
وروي ايضاً: انّ النبي صلى الله عليه
وآله حمل الحسن والحسين سلام الله عليهما على ظهره، الحسن علی أضلاعه
اليمنی والحسين على أضلاعه اليسرى، ثم مشی وقال: نعم المطيّ مطيّكما ونعم الراكبان أنتما وأبوكما خير منكما.
وروی ابن شهر آشوب انّه:
أذنب رجلا في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله فتغيّب حتی وجد الحسن
والحسين سلام الله عليهما في طريق خال فأخذهما فاحتملهما على عاتقيه وأتی
بهما النبي صلى الله عليه وآله فقال:يا
رسول الله انّي مستجير بالله وبهما، فضحك رسول الله صلى الله عليه وآله
حتى رد يده الى فمه ثم قال للرجل: اذهب وانت طليق وقال للحسن والحسين سلام
الله عليهما: قد شفعتكما فيه أي فتيان، فأنزل الله تعالى:
« ولوانّهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفرلهم الرّسول لوجدوا الله توّابا رحيما»
وروى ابن شهر آشوب عن سلمان الفارسي، قال: كان الحسين سلام الله عليه على فخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وهويقبله ويقول:
«أنت السيد ابن السيد أبوالسادة، أنت الامام إبن الامام أبوالائمة، انت الحجة إبن الحجة أبوالحجج ، وتسعة من صلبك وتاسعهم قائمهم».
وروى ابن شهر آشوب ايضاً عن ام سلمة انها قالت:
انّ الحسن والحسين سلام الله عليهما دخلا على رسول الله صلى الله عليه
وآله وبين يديه جبرئيل فجعلا يدوران حوله يشبهانه بدحية الكلبي، فجعل
جبرئيل يومي بيده كالمتناول شيئاً فاذا في يده تفاحة وسفرجلة ورمانة،
فناولهما وتهلل وجهاهما وسعيا الى جدهما.
فأخذ منهما فشمّهما ثم قال:
صيرا الى أمكّما بما معكما وابدءا بأبيكما فصاراكما أمرهما فلم ياكلوحتی
صار النبي صلى الله عليه وآله اليهم فأكلوا جميعاً، فلم يزل كلّما اكل منه
عاد الى ما كان حتى قبض رسول الله صلی الله عليه وآله.
قال الحسين سلام الله عليه: فلم يلحقه
التغيير والنقصان ايام فاطمة بنت رسول الله صلی الله عليه وآله حتى توفيت،
فلما توفيت فقدنا الرمان وبقي التفاح والسفرجل ايام أبي، فلمّا استشهد
امير المؤمنين سلام الله عليه فقد السفرجل وبقي التفاح على هيئته عند
الحسن حتى مات في سمه وبقيت التفاحة الى الوقت الذي حوصرت عن الماء فكنت
اشمها اذا عطشت فيسكن لهب عطشي، فلمّا اشتدّ عليّ العطش عضضتها وأيقنت
بالفناء.
قال عليّ بن الحسين سلام الله عليه:سمعته
يقول ذلك قبل قتله بساعة، فلمّا قضى نحبه وجد ريحها في مصرعه، فالتمست فلم
ير لها أثر، فبقي ريحها بعد الحسين، ولقد زرت قبره فوجدت ريحها تفوح من
قبره، فمن أراد ذلك من شيعتنا الزائرين للقبر فليلتمس ذلك في أوقات السحر
فانّه يجده اذا كان مخلصاً.
وروی العياشي وغيره انّه: مرّ الحسين بن علي سلام الله عليه بمساكين قد
بسطوا كساءاً لهم فالقوا عليه كسراً فقالوا: هلمّ يابن رسول الله، فثنّى
وركه فاكل معهم.
ثم تلا ( انّ الله لا يحب المستكبرين ) ثم قال قد أجبتكم فأجيبوني، قالوا
نعم يا بن رسول الله فقاموا معه حتی أتوا منزله فقال للرباب: أخرجي ما كنت
تدّخرين.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين
:: اسمه الشريف
الحسين
:: نسبه الطاهر
ابن الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب سلام الله عليه بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي..
:: كنيته الشريفة
أبوعبدالله. وكنّاه الناس من بعد شهادته بأبي الشهداء وأبي الأحرار.
:: ألقابه الكريمة
الشهيد، الطيب، سيد شباب أهل الجنة، السبط، الدليل علی ذات الله، التابع
لمرضاة الله، الوفي، المبارك، الرشيد، المطهر، البر، أحد الكاظمين.
:: امّه الطاهرة
فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين صلوات الله وسلامه عليها.
:: مدة إمامته
11 سنة
:: مولده
ولد إمامنا الحسين سلام الله عليه في الثالث من شعبان المعظم للعام الرابع الهجري في المدينة المنورّة.
:: في ولادته
قالت أسماء: فلمّا ولدت فاطمة الحسين سلام الله عليه نفستها ابه فجاءني
النبي صلی الله عليه وآله فقال: هلمّ ابني يا أسماء، فدفعته اليه في خرقة
بيضاء، ففعل به كما فعل بالحسن، قالت: وبكى رسول الله صلی الله عليه وآله
ثم قال:
انّه سيكون لك حديث، اللهم العن قاتله، لا تعلمي فاطمة بذلك.
فقالت اسماء: فلمّا كان في يوم سابعه جاءني النبي صلى الله عليه وآله
فقال: هلمّي ابني فأتيته به، فعقّ عنه كبشاً أملح وأعطى القابلة الورك
ورجلاً، وحلق رأسه وتصدّق بوزن شعره ورقاً (فضة)،وخلّق رأسه بالخلوق، ثم
وضعه في حجره، ثم قال:
يا أبا عبدالله عزيز عليّ (مقتلك)، ثم بكى فقلت: بأبي أنت وأمي فعلت في هذا اليوم وفي اليوم الاول فما هو ؟
قال: أبكي على ابني تقتله فئة باغية
كافرة من بني امية لعنهم الله لا أنالهم الله شفاعتي يوم القيامة، يقتله
رجل يثلم الدين، ويكفر بالله العظيم.
ثم قال: اللهم انّي أسألك فيهما (الحسن والحسين سلام الله عليهما) ما سألك
ابراهيم في ذريته، اللهم أحبهما وأحبّ من يحبّهما والعن من يبغضهما ملء
السماء والارض.
وروى الشيخ الصدوق وابن قولويه وغيرهما عن الصادق سلام الله عليه انّه قال: انّ
الحسين بن عليّ سلام الله عليه لمّا ولد أمر الله عزوجل جبرائيل أن يهبط
في الف من الملائكة فيهني رسول الله صلى الله عليه وآله من الله ومن
جبرئيل.
قال: فهبط جبرائيل فمرّ علی جزيرة في البحر فيها ملك يقال له فطرس كان من الحملة (حملة العرش)
بعثه الله عزوجل في شيء فابطأ عليه فكسر جناحه وألقاه في تلك الجزيرة فعبد
الله تبارك وتعالی فيها سبعمائة عام، حتى ولد الحسين بن علىّ سلام الله
عليه.
فقال الملك لجبرائيل: ياجبرائيل أين تريد؟ قال: إن الله عزوجل أنعم علی محمد بنعمة فبعثت اُهنيه من الله ومنّي.
فقال: يا جبرائيل احملني معك لعل محمد صلى الله عليه وآله يدعولي.
قال فحمله، فلمّا دخل جبرائيل على النبي صلى الله عليه وآله هنّاه من الله ومنه وأخبره بحال فطرس.
فقال النبي صلى الله عليه وآله: قل له تمسّح بهذا المولود وعد الى مكانك، فمسح فطرس (جناحه)
بالحسين بن عليّ سلام الله عليه وارتفع فقال يا رسول الله أما انّ امتك
ستقتله وله عليّ مكافأة الّا يزوره زائر الّا أبلغته عنه، ولا يسلم عيه
مسلّم الّا أبلغته سلامه، ولا يصلّي عليه مصلّ الاّ أبلغته صلاته، ثم
ارتفع.
وفي رواية: وعرج الى موضعه وهويقول: من مثلي وأنا عتاقة الحسين بن عليّ وفاطمة، وجدّه أحمد الحاشر.
وروی ابن شهر آشوب انّه:
«اعتلت
فاطمة سلام الله عليها لما ولدت الحسين وجف لبنها، فطلب رسول الله صلى
الله عليه وآله مرضعاً فلم يجد فكان يأتيه فيلقمه إبهامه فيمصّها ويجعل
الله له في ابهام رسول الله صلى الله عليه وآله رزقاً يغذوه ويقال:
بل كان رسول الله يدخل لسانه في فيه فيغرّه كما يغرّ الطير فرخه فيجعل
الله في ذلك رزقاً، ففعل ذلك اربعين يوماً وليلة فنبت لحمه من لحم رسول
الله صلى الله عليه وآله » والروايات بهذا المضمون كثيرة.
:: في نشأته
وكان سلام الله عليه كما تصفه المرويات اشبه الناس جسما برسول الله، وإن
الحسن سلام الله عليه كان أشبه الناس به وجها، شديد القوة ربعة ليس
بالطويل ولا بالقصير لم ير الناس أحسن منه، وقد أحبه الرسول وغمره بعطفه
وحنانه، وكان يؤلمه بكاؤه فيوصي الزهراء بالحدب عليه والرفق به والتوجه
إليه ثم يأتيه فيحمله حينا بين يديه وأحيانا علی كتفه ويخرج به الی الناس،
فإذا جلس وضعه في حضنه، وإذا تفلت منه ومشى لا تفارقه عيناه، ورآه مرة
وهويتعثر في قميص له وكان يخطب الناس، فنزل عن منبره حتى أخذه وعاد إلى
خطبته من حيث قطعها وهويقول: الأولاد فتنة.
وقال الاستاذ أحمد عاشور في كتابه سيد شباب أهل الجنة:
ولوأنك تصفحت الصحاح من كتب السنة لرأيت عشرات الاحاديث الناطقة بفضل
الحسين الشاهدة بقدره وحب الرسول له، بل إنك لتری في هذه الكتب عشرات من
الإيماءات والإشارات التي تدل على أن الله سبحانه قد أحاط نبيه محمداً صلى
الله عليه وآله بالكثير مما واجهه الحسين سلام الله عليه في حياته من
مصاعب وما لاقاه من إحن ومحن وفتن، حتى لقد أوشك أن يخبر صلوات الله
وسلامه عليه بمأساة كربلاء وما أزهق فيها من أنفس وأريق فيها من دماء، بل
أخبر اصحابه بذلك في بعض المناسبات كما يوحي إلى ذلك موقف زهير بن القين
حينما دخل عليه الحسين سلام الله عليه وهوفي طريقه الى كربلاء وزهير بن
القين عائد من الحج وكان عثمانياً فلما اجتمع إلى الحسين سلام الله عليه
حول رحله إلى رحاله وقال لأصحابه: لقد غزونا مع سلمان الفارسي ففتح الله
علينا وغنمنا، فقال لنا سلمان: اذا أدركتم قتال سيد شباب أهل الجنة فكونوأشد فرحا بقتالكم معه مما أصبتم من هذه الغنائم.
ومعلوم ان سلمان الفارسي ما كان له أن يعلم ما سيجري في المستقبل لولا إخبار النبي صلى الله عليه وآله له بذلك.
وروي الرواة ايضاً ان عليا سلام الله عليه مر
بكربلاء فوقف عندها طويلا وبكى ثم حدث عما سيجري في تلك البقعة على ذريته،
وما كان لعلي وغيره ان يعلم ما يجري عليه وعلى ذريته الا بواسطة النبي
الذي يتلقي علم ذلك عن طريق الوحي،كما حدثت أم سلمة رضوان الله عليها عما
سيجري عليه في كربلاء.
وروى الرواةعنها أن جبرائيل لما أخبر
النبي بما يجري على ولده الحسين تناول قبضة من ترابها وأعطاها رسول الله
إليها وأخبرها بأنها عند قتل الحسين ستفور دما وكان الأمر كذلك، ولقد حدثت
الحسين بذلك عندما ودعها وهوفي طريقه الى العراق فأكد لها ما سمعته من
جده، وأعطاها أيضاً من تراب كربلاء، فكانت تتعاهد التربة منذ أن اتجه
أبوعبدالله الى العراق، وفي اليوم العاشر من المحرم فقدتها كعادتها
فوجدتها تفور دماًعبيطاً.
:: مع جده الرسول الاعظم وأبيه اميرالمؤمنين
ومهما كان الحال فلقد بقي الحسين مع جده النبي سبع سنين أوأقل من ذلك
بقليل حسب اختلاف الروايات في تاريخ ولادته، وكان قد سماه حسينا كما سمی
أخاه حسناً من قبله، وظل في رعايته إلى أن انتقل لربه، فكانت نفسه الكريمة
على صغره ترسم كل ما يصدر عن النبي من قول وفعل، فلم يعرف احدا قبل جده
ولا أحس بعطف انسان قبل عطفه وكان يغذيه من لسانه ما يكفيه اليومين
والثلاثة على حد تعبير الرواة حتی اشتد وثبت لحمه واتسعت نفسه الكبيرة
لمعاني الرسالة وأهدافها وغمرته بروحانيتها، وقال فيه جده أكثر من مرة:
حسين مني وأنا من حسين.
وروى الرواة عن البراء بن عازب انه قال: رأيت النبي صلى الله عليه وآله يحمل الحسين على عاتقه ويقول:
اللهم إني أحبه فأحبه وأحب من يحبه، وانتقل بعد جده الى أحضان أبيه
أميرالمؤمنين،وهوفي السابعة من عمره، وشارك أباه وأمه في محنتهما بفقد
الرسول واقصاء أبيه عن حقه في الخلافة، وشاهد أمه خلال الاشهر القليلة
التي عاشتها بعد جده لا يقر لها قرار لفراق أبيها تندبه في الليل والنهار،
ولا يفوتها وهي في هذا الجوالقاتم أن تطالب القوم بما اغتصبوه منها ومن
ابن عمها وتقارعهم بالحجج الدامغة والبراهين الساطعة، وهم جادون في هضمها
واغتصاب حقها، حتی بلغ بهم الحال ان هاجموا بيتها وهموا بإحراقه بمن فيه
كما حدث الرواة بذلك.
لقد شاهد ابوعبدالله الحسين كل ذلك في مطلع صباه فكان يتلوى من الألم
ويقاسي مرارة تلك الاحداث وهوإلى جانب أبيه وأخيه حتی كانت وفاة امه
فتضاعفت آلامه واشتد وقعها على نفسه، وبقي إلى جانب ابيه يتأسی بصبره
وجلده حتى اجتاز تلك المرحلةمن حياته بنفس مطمئنة لقضاء الله وقدره كما
اجتازها أبوه وأخوه، وبقي إلى جانب أبيه أكثر من ثلاثين عاماً
مخلصاًلرسالة جده متنكراً للباطل وأهله، شديداً على الظالمين لا يهادن
ولا يحابي أحداً على حساب دينه، ولا تغريه دنياهم بما فيها من مفاتن
ومغريات، ينشطه الجور ويوقظه الظلم ويثيرة أنين الضعفاء وعويل المنكوبين،
فيرفع صوته الذي كان يدوي في أطراف الحجاز والعراق فيقض مضاجع الظلمة
والطغاة: ألا وإني لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برما.
:: الحسين قدوة لكل الثائرين
ولقد أجمع المؤرخون والرواة على أنه كان مثالا للفضائل ومكارم الأخلاق
ومحاسن الأعمال مفيدا من علمه الواسع الذي ورثه عن جده وأبيه، مرشداً
بأعماله قبل أقواله، سخيا بماله على الفقراء وذوي الحاجات، متواضعا في
نفسه، يناصر الحق ويحارب المنكر ويتحلی بالصبر والحلم والعفاف والمروءة
والورع، من أعبد الناس وأزهدهم في الدنيا وملذاتها.
وكان اذا تحدث عن الدنيا ودور الإنسان فيها يقول:عباد
الله اتقوا الله وكونوا من الدنيا على حذر، فإنها لوبقيت لأحد اوبقي عليها
أحد لكانت للأنبياء أحق بالبقاء وأولى بالرضا غير ان الله خلق الدنيا
للبلاء وخلق أهلها للفناء فجديدها بال ونعيمها مضمحل وسرورها مكفهر
فتزودوا فإن خير الزاد التقوی واتقوا الله لعلكم تفلحون.
ومجمل القول: ان الحديث عن الحسين سلام
الله عليه غني بالمواد وبكل معاني النبل والتضحية والفداء لأنه يأتي في
القمة بين المصلحين وعظماء التاريخ والثائرين على الظلم والطغيان وقد أبت
نفسه الكريمة الطاهرة إلا أن تكون القدوة الحسنة والمثل الاعلى لكل مصلح
ولكل ثائر على الظلم والظالمين، ولكل أبي كريم يؤثر الموت تحت ظلال السيوف
علی الحياة بين أطمار الذلة وفي ظل الجبابرة، وختم حياته والسيوف تنهش من
جسمه وهويقول: لا اعطيكم بيدي اعطاء
الذليل ولا أقر لكم إقرار العبيد، ولا يزال وسيبقى رمزا للبطولات
والتضحيات وحديثاً كريماً طيباً للأجيال تستمد من معانيه وأبعاده الخيرة
أقدس المثل وأكثرها عطاء في تاريخ البشرية الطويل.
ولا بد لنا ونحن بصدد الحديث عن سيرته من عرض سريع لمراحلها راجين منه
سبحانه أن يوفقنا لأن نستلهم منها الحق والثبات على الحق والبذل والعطاء
في سبيل الله كما بذل وأعطى سيد الشهداء سلام الله عليه.
[size=9]:: من فضائله ومناقبه ومكارم أخلاقه
روي في أربعين المؤذن وتاريخ الخطيب عن جابر عن رسول الله صلى الله عليه وآله انّه قال:
انّ الله عزوجل جعل ذرية كل نبيّ من صلبه خاصة وجعل ذريّتي من صلبي ومن
صلب عليّ بن ابي طالب، انّ كلّ بني بنت ينسبون الى أبيهم الّا اولاد
فاطمة فانّي أنا أبوهم.
يقول المؤلف:
قد كثرت الأحاديث المشارة الى انّ الحسنين سلام الله عليهما ابنا رسول
الله صلى الله عليه وآله،وقد أمر امير المؤمنين سلام الله عليه في حرب
صفين لمّاأسرع الحسن سلام الله عليه للقتال ان يمنع من الذهاب الى المعركة
مخافة أن ينقطع نسل رسول الله صلى الله عليه وآله بقتله وقتل الحسين سلام
الله عليهما.
قال ابن ابي الحديد: فان قلت: إيجوز أن يقال للحسن والحسين وولدهما أبناء
رسول الله وولد رسول الله وذرّية رسول الله ونسل رسول الله ؟
قلت: نعم، لانّ الله تعالی سمّاهم (أبناءه) في قول تعالی (ندع أبناءنا
وأبناءكم) وانما عنی الحسن والحسين، وسمّی الله تعالی عيسی ذريّة ابراهيم
في قوله: «ومن ذريته داوود وسليمان» ولم يختلف أهل اللغة في انّ ولد
البنات من نسل الرجل.
فان قلت: فما تصنع بقوله تعالى: (ما كان محمد أبا احد من رجالكم) قلت: أسألك
عن ابوّته لابراهيم بن مارية فكما تجيب به عن ذلك فهوجوابي عن الحسن
والحسين سلام الله عليهما،والجواب الشامل للجميع انّه عنی زيد بن حارثة،
لأن العرب كانت تقول: زيد بن محمد على عادتهم في تبنّي العبيد، فأبطل الله تعالی ذلك ونهی عن سنّة الجاهلية وقال:
انّ محمداً صلى الله عليه وآله ليس اباً لواحدٍ من الرجال البالغين
المعروفين بينكم ليعتزي اليه بالنبوة وذلك لا ينفي كونه أبا لأطفال لم
تطلق عليهم لفظة الرجال كابراهيم وحسن وحسين سلام الله عليهم.
وروي في بعض كتب العامة انّ النبي صلى الله عليه وآله أخذ بيد الحسن والحسين سلام الله عليهما ـ في جمع من الصحابة ـ فقال:
«من أحبني وأحبّ هذين وأباهما وأمّهما كان معي في درجتي في الجنة يوم القيامة».
ونظم البعض هذا الكلام فقال:
أخذ النبي يد الحسين وصـنوه
يـوماً وقال وصحبه فـي مـجـمـع
مـن ودّني يا قــوم أوهــذين أو
أبويهـما فاخلد مســكنه مــعـي
وروي ايضاً: انّ النبي صلى الله عليه
وآله حمل الحسن والحسين سلام الله عليهما على ظهره، الحسن علی أضلاعه
اليمنی والحسين على أضلاعه اليسرى، ثم مشی وقال: نعم المطيّ مطيّكما ونعم الراكبان أنتما وأبوكما خير منكما.
وروی ابن شهر آشوب انّه:
أذنب رجلا في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله فتغيّب حتی وجد الحسن
والحسين سلام الله عليهما في طريق خال فأخذهما فاحتملهما على عاتقيه وأتی
بهما النبي صلى الله عليه وآله فقال:يا
رسول الله انّي مستجير بالله وبهما، فضحك رسول الله صلى الله عليه وآله
حتى رد يده الى فمه ثم قال للرجل: اذهب وانت طليق وقال للحسن والحسين سلام
الله عليهما: قد شفعتكما فيه أي فتيان، فأنزل الله تعالى:
« ولوانّهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفرلهم الرّسول لوجدوا الله توّابا رحيما»
وروى ابن شهر آشوب عن سلمان الفارسي، قال: كان الحسين سلام الله عليه على فخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وهويقبله ويقول:
«أنت السيد ابن السيد أبوالسادة، أنت الامام إبن الامام أبوالائمة، انت الحجة إبن الحجة أبوالحجج ، وتسعة من صلبك وتاسعهم قائمهم».
وروى ابن شهر آشوب ايضاً عن ام سلمة انها قالت:
انّ الحسن والحسين سلام الله عليهما دخلا على رسول الله صلى الله عليه
وآله وبين يديه جبرئيل فجعلا يدوران حوله يشبهانه بدحية الكلبي، فجعل
جبرئيل يومي بيده كالمتناول شيئاً فاذا في يده تفاحة وسفرجلة ورمانة،
فناولهما وتهلل وجهاهما وسعيا الى جدهما.
فأخذ منهما فشمّهما ثم قال:
صيرا الى أمكّما بما معكما وابدءا بأبيكما فصاراكما أمرهما فلم ياكلوحتی
صار النبي صلى الله عليه وآله اليهم فأكلوا جميعاً، فلم يزل كلّما اكل منه
عاد الى ما كان حتى قبض رسول الله صلی الله عليه وآله.
قال الحسين سلام الله عليه: فلم يلحقه
التغيير والنقصان ايام فاطمة بنت رسول الله صلی الله عليه وآله حتى توفيت،
فلما توفيت فقدنا الرمان وبقي التفاح والسفرجل ايام أبي، فلمّا استشهد
امير المؤمنين سلام الله عليه فقد السفرجل وبقي التفاح على هيئته عند
الحسن حتى مات في سمه وبقيت التفاحة الى الوقت الذي حوصرت عن الماء فكنت
اشمها اذا عطشت فيسكن لهب عطشي، فلمّا اشتدّ عليّ العطش عضضتها وأيقنت
بالفناء.
قال عليّ بن الحسين سلام الله عليه:سمعته
يقول ذلك قبل قتله بساعة، فلمّا قضى نحبه وجد ريحها في مصرعه، فالتمست فلم
ير لها أثر، فبقي ريحها بعد الحسين، ولقد زرت قبره فوجدت ريحها تفوح من
قبره، فمن أراد ذلك من شيعتنا الزائرين للقبر فليلتمس ذلك في أوقات السحر
فانّه يجده اذا كان مخلصاً.
وروی العياشي وغيره انّه: مرّ الحسين بن علي سلام الله عليه بمساكين قد
بسطوا كساءاً لهم فالقوا عليه كسراً فقالوا: هلمّ يابن رسول الله، فثنّى
وركه فاكل معهم.
ثم تلا ( انّ الله لا يحب المستكبرين ) ثم قال قد أجبتكم فأجيبوني، قالوا
نعم يا بن رسول الله فقاموا معه حتی أتوا منزله فقال للرباب: أخرجي ما كنت
تدّخرين.
عدل سابقا من قبل في السبت يناير 12, 2008 2:06 am عدل 2 مرات